الدكتور عبد الله غلام الله يلهم الحضور في منتدى الكتاب بتيارت
في صباح ثقافي مميز شهدته ولاية تيارت يوم الخميس الموافق 26 سبتمبر 2024، استضافت المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية “المجاهد محمد ميلي” شخصية وطنية بارزة في إطار سلسلة منتدى الكتاب. ضيف الشرف كان الدكتور عبد الله غلام الله، رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، الذي قدم للحضور لمحات ثرية من مسيرته الحافلة في خدمة الجزائر. بدأت الفعالية بكلمة ترحيبية من الدكتور غلام الله، حيث أشاد بجهود القائمين على المكتبة وما تحتويه من كنوز معرفية وثقافية. وصف المكتبة بأنها “صرح ثقافي فريد” يعكس اهتمام الدولة بنشر المعرفة وتعزيز الثقافة بين أبناء الوطن. وفي حديثه عن مسيرته الشخصية، استعرض الدكتور غلام الله محطات هامة من حياته التي تمتد على مدى تسعة عقود. ولد في 14 فبراير 1934 بولاية غليزان، في فترة كان فيها التعليم من أندر الحقوق المتاحة للجزائريين تحت وطأة الاستعمار الفرنسي. ورغم هذه الظروف القاسية، استطاع أن يشق طريقه نحو العلم والمعرفة. تحدث الدكتور غلام الله عن رحلته التعليمية التي بدأت في الجزائر وامتدت إلى تونس وسوريا. حصل على شهادة الأهلية من معهد عبد الحميد بن باديس عام 1955، ثم شهادة التحصيل من جامع الزيتونة في تونس عام 1956. واصل مسيرته العلمية ليحصل على الليسانس من جامعة دمشق عام 1962، وأخيراً نال شهادة الدكتوراه من جامعة الجزائر عام 1976. لم تقتصر حياة الدكتور غلام الله على التحصيل العلمي فحسب، بل كانت حافلة بالنضال الوطني. في عام 1954، تم اعتقاله بسبب نشاطاته الوطنية. وخلال إقامته في تونس، ساهم في تأسيس فرع الكشافة الإسلامية الجزائرية عام 1955، كما كان عضواً فاعلاً في الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين. وفي عام 1958، كان صوته يصدح عبر أثير إذاعة دمشق بكلمات الدعم للقضية الجزائرية. بعد استقلال الجزائر، واصل الدكتور غلام الله مسيرة العطاء من خلال تقلده العديد من المناصب الحكومية الهامة. منذ عام 2016، يتولى رئاسة المجلس الإسلامي الأعلى. كما شغل منصب وزير الشؤون الدينية والأوقاف لفترة طويلة امتدت من 1997 إلى 2014. إضافة إلى ذلك، كان له دور بارز في تطوير قطاع التربية والتعليم من خلال عمله في وزارة التربية الوطنية. لم يقتصر عطاء الدكتور غلام الله على العمل الحكومي، بل امتد ليشمل التأليف والبحث العلمي. قدم للمكتبة العربية والجزائرية العديد من المؤلفات القيمة، منها “قصة جامع الجزائر”، و”الروح المعنوية والإنتاجية”، و”دروس في الفلسفة” في ثلاثة أجزاء، بالإضافة إلى دراسات في الأدب والفكر الإسلامي. شهدت الفعالية حضوراً لافتاً من مختلف شرائح المجتمع، بما في ذلك مشايخ الزوايا وطلبة العلم والمثقفين. وقد أتاح هذا اللقاء فرصة ثمينة للتعرف عن قرب على شخصية الدكتور عبد الله غلام الله وإسهاماته الكبيرة في خدمة المجتمع الجزائري. وفي ختام الفعالية، أكد الحاضرون على أهمية مثل هذه اللقاءات في تعزيز التواصل بين الأجيال ونقل الخبرات والتجارب. كما أشادوا بدور المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية في تنظيم هذه الفعاليات الثقافية التي تسهم في إثراء الحياة الفكرية في ولاية تيارت والجزائر عموماً. إن مثل هذه المبادرات الثقافية تؤكد على أهمية الاستمرار في تكريم وتقدير الشخصيات الوطنية التي أسهمت في بناء الجزائر المستقلة، وتشكل حافزاً للأجيال الشابة للاقتداء بهذه النماذج الوطنية المشرفة. كما تبرز دور المؤسسات الثقافية في الحفاظ على الذاكرة الوطنية وتعزيز الهوية الجزائرية في مواجهة تحديات العصر.
إرسال التعليق