درب المواهب الثقافية تتوج بجائزة أفضل تمثيل رجالي.
احتفت الأوساط الفنية بإنجاز فرقة درب المواهب الثقافية من ولاية تيارت، التي رفعت راية الإبداع الجزائري عالياً بنيلها جائزة أفضل تمثيل رجالي ضمن فعاليات الأيام الدولية للمسرح الثنائي والثلاثي التي استضافتها ولاية تيندوف مؤخراً. وقد استطاع العرض المسرحي “بدلة رسمية” أن يخطف الأنظار ويثير إعجاب النقاد والمتابعين، مجسداً حالة من التميز الفني الذي يعكس تطور المشهد المسرحي المحلي.
وفي قراءة متأنية لتفاصيل هذا النجاح، يتبين أن الفرقة المسرحية قدمت عملاً فنياً متكاملاً، حيث برع المؤلف والمخرج مصطفى يحياوي في صياغة رؤية إبداعية فريدة مزجت بين الأصالة والمعاصرة. وقد أشادت لجنة التحكيم بالأداء الاستثنائي للممثل محمد جلواط الذي استحق عن جدارة لقب أفضل ممثل، إذ تمكن من تجسيد شخصيته بعمق ومصداقية لافتة، متعاوناً بشكل منسجم مع زملائه محمد حاج مسعود وبوعزة إبراهيم في خلق حالة مسرحية متناغمة.
علاوة على ذلك، شكلت الموسيقى التصويرية التي وقّعها الفنان سليمان جيلالي عنصراً محورياً في بناء الأجواء الدرامية للعرض، مما ساهم في تعميق التأثير العاطفي للمشاهد وإيصال الرسائل الضمنية للعمل. كما كان لمهندس الصوت والإضاءة بودلال إسلام دور بارز في خلق التأثيرات البصرية والسمعية التي أضفت على العرض جمالية خاصة وجعلته تجربة متكاملة الأبعاد.
وفي سياق متصل، يرى متابعون للشأن الثقافي أن هذا التتويج يشكل دفعة معنوية هامة لمسرح الهواة في الجزائر، ويفتح آفاقاً جديدة للتعاون والتنافس الإيجابي بين مختلف الفرق المسرحية عبر الوطن. وبهذا الصدد، صرح رئيس جمعية درب المواهب قائلاً: “نعتبر هذا التكريم مسؤولية إضافية تحفزنا على تقديم المزيد من الأعمال النوعية التي ترتقي بالذائقة الفنية للمتلقي الجزائري”.
ومن الجدير بالذكر أن العرض المسرحي “بدلة رسمية” تناول قضايا اجتماعية معاصرة بأسلوب فني راقٍ، مما جعله يلامس وجدان الجمهور ويثير نقاشات فكرية حول مضامينه ودلالاته. وقد تميز العمل باستخدام تقنيات سردية مبتكرة وتوظيف الرمزية في معالجة الموضوعات المطروحة، الأمر الذي أضفى عليه طابعاً حداثياً مع الحفاظ على الهوية المحلية.
هذا وقد أثنى عدد من النقاد المتخصصين على جودة النص المسرحي وعمق معالجته للقضايا المطروحة، مشيرين إلى أن نجاح العرض يكمن في تناغم عناصره الفنية والتقنية، وفي قدرته على إيصال رسائل إنسانية تتجاوز الحدود المحلية لتخاطب الإنسان في كل مكان.
إن تتويج فرقة درب المواهب الثقافية بهذه الجائزة المرموقة يمثل نموذجاً ملهماً لقصص النجاح التي يصنعها المبدعون الجزائريون بإصرارهم على تقديم فن راقٍ ومسؤول. ويبقى التحدي الأكبر أمام هذه الفرقة وغيرها هو الحفاظ على هذا المستوى من التميز والاستمرار في تقديم إسهامات نوعية تثري المشهد الثقافي وتسهم في تعزيز مكانة المسرح الجزائري على الخارطة العربية والدولية.
وهيب قورصو
إرسال التعليق