جاري التحميل الآن

عمار بن جامع… صوت الجزائر الحر يتوشح وسام الاستحقاق الوطني

عمار بن جامع… صوت الجزائر الحر يتوشح وسام الاستحقاق الوطني

في زمنٍ صارت فيه الكلمات أثمن من الرصاص، برز رجل جعل من صوته سلاحًا ومن حضوره حصنًا. هو السفير عمار بن جامع، الذي عُرف في المحافل الدولية بـ “أسد الكلمة الحرة”، وصار رمزًا للدبلوماسية الجزائرية، يُدافع عن القضايا العادلة بصلابة لا تلين. واليوم، يتوّج مساره المشرف بوسام بدرجة عشير من مصف الاستحقاق الوطني، قلّده إياه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، اعترافًا برجلٍ حمل الجزائر في صوته، وغزة وفلسطين في قلبه.

لم يكن وصول عمار بن جامع إلى أرفع منابر العالم صدفةً ولا طريقًا مفروشًا بالورود. تخرّج من المدرسة الدبلوماسية الجزائرية التي أنجبت جيلًا من الرجال حملوا رسالة نوفمبر إلى العالم. بدأ مساره في مواقع دبلوماسية مختلفة، حيث صقل خبراته، واكتسب لغة الحوار الدولي، وتمرّس على فنون التفاوض والدفاع عن المواقف الصلبة. ومن محطة إلى أخرى، تدرّج حتى أصبح سفيرًا للجزائر في الولايات المتحدة الأمريكية، في قلب القرار العالمي، ممثلًا لوطنه في أكثر الساحات حساسية وتأثيرًا.

من منبر الأمم المتحدة، كان أكثر من دبلوماسي؛ كان ناطقًا باسم الضمير العربي والإنساني. في كل كلمة ألقاها، كانت الجزائر حاضرة بكل تاريخها الثوري، وكان الشعب الفلسطيني حاضرًا بكل جراحه وآماله. لم يتردّد يومًا في تسمية الأشياء بمسمياتها، ولم يخف من مواجهة القوى الكبرى، مؤمنًا بأن الحق لا يُقاس بموازين القوة، بل بقدرة الكلمة على أن تخلّد في التاريخ.

في واشنطن، حيث تمثيل الجزائر في قلب دوائر القرار العالمي، حمل صفة السفير لكنه ظل يحمل روحه كمناضل. هناك، حيث تُصاغ سياسات العالم، كان صوت الجزائر عاليًا لا ينحني، حاملاً رسائل الوفاء لمبادئ نوفمبر، ومجدّدًا عهد الشهداء في زمن الصفقات والمساومات.

وإذا كانت القضية الفلسطينية مرآة المواقف، فقد كان عمار بن جامع أول الواقفين أمامها. دافع عن غزة حين كان الصمت هو القاعدة، ونطق بالحق حين كان الصمت يساوي السلامة. جعل من فلسطين قضيته الأولى، ومن غزة عنوانًا للشرف العربي، فاستحق أن يكون في عيون الأحرار صوتًا لا يُشترى ولا يُسكت.

اليوم، الوسام الذي وُشّح به ليس مجرد رتبة في سجل الدولة، بل هو تكريم لمسيرة رجل عاش وفاءً لمبادئ بلاده، وأكد أن الدبلوماسية ليست مجرد لغة بروتوكول، بل معركة يومية من أجل الحق والكرامة. إنه وسام لجزائر الثورة، ووسام لفلسطين التي حملها في وجدانه، ووسام لكل كلمة حرة صدحت في وجه الظلم.

عمار بن جامع ليس اسمًا في سجل الدبلوماسية فحسب، بل صفحة مضيئة في ذاكرة الجزائر والعالم. هو رجل قال الكلمة حين كان السكوت خيانة، ودافع عن فلسطين حين كان الدفاع مغامرة. واليوم، تُكرمه الجزائر لتقول لأبنائها: من يخلص للوطن ولقضايا الإنسانية، يُخلّده التاريخ وتُتوّجه الأوطان.

ورسالة هذا التكريم للشباب الجزائري واضحة: أن الطريق إلى المجد لا يُختصر في المناصب ولا الألقاب، بل في الإخلاص للمبادئ والوفاء للوطن. وأن كل شاب يحمل في داخله بذرة أسدٍ للكلمة الحرة، إذا ما آمن بقضيته وتمسّك بجذوره، يمكن أن يكون غدًا على منابر العالم صوت الجزائر وأمجادها.

بقلم : أمينة شارف

إرسال التعليق

ربما فاتتك