تمويل الأفلام السينمائية في ماستر كلاس بمهرجان وهران مواضيع الساعة، الإعلانات والمؤثرون لإقناع المستثمرين في السينما
خليل الأوراسي
ضمن فعاليات النسخة الثانية عشرة من مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي، نشط المخرج والمنتج رشيد بوشارب ماستر كلاس مميزًا، ركّز فيه على التحديات التي يواجهها صناع السينما في تمويل مشاريعهم، مسلطًا الضوء على الطرق التي يمكن، من خلالها، الحصول على الدعم المالي. بوشارب المعروف بأنه أحد الأسماء البارزة في السينما العربية والعالمية، اختار موضوع التمويل، لأنه يمثل تحدياً أساسياً لكل مخرج يرغب في تحويل رؤيته الفنية إلى واقع على الشاشة.
ينطلق بوشارب من تجربته السينمائية في فرنسا، موضحا الأساليب التي اعتمدها لإقناع الممولين والمستثمرين بالمشاركة في مشاريعه السينمائية. فأوضح أنه يعتمد على وثيقة مختصرة من ثلاث صفحات فقط يقدم فيها فكرة فيلمه، مشددًا على أهمية اختيار موضوع الفيلم بعناية. في هذا الشأن يشير إلى أن البنوك والممولين، في الوقت الحالي، يهتمون بمواضيع الساعة، مثل القضايا الاجتماعية والسياسية التي تثير اهتمام الرأي العام، فقد أضحت هذه المواضيع محورًا لجذب الاستثمارات.
ولا يهمل بوشارب التحولات الكبيرة التي تشهدها صناعة السينما في العالم، اليوم، إذ بات الإعلان والتسويق جزءاً لا يتجزأ من العملية الإنتاجية، مشيرا إلى أن العديد من صناع الأفلام يجدون أنفسهم مضطرين لتضمين الإعلانات التجارية داخل أعمالهم لتمويل مشاريعهم، أمام التحديات المتزايدة في تأمين التمويل.
في السياق، يكشف رشيد بوشارب عن مشاريعه السينمائية المستقبلية، معلنا نيته إخراج فيلم يتناول القنبلة النووية التي جُرّبت في رقان بالجزائر، خلال الحقبة الاستعمارية الفرنسية. ويؤكد بوشارب أنه إذا رفضت فرنسا تمويل هذا المشروع، فإنه سيتوجه إلى بلجيكا التي اعتاد إنتاج أفلامه فيها على مدار أكثر من خمسة عشر عامًا، بالتعاون مع مؤسسات إنتاجية بلجيكية، وإذا لم يُثمر التعاون مع بلجيكا، فإنه لا يستبعد إمكانية التعاون مع الولايات المتحدة لتحقيق مشروعه.
كما تطرق بوشارب إلى الفرص الجديدة التي تتيحها منصات عرض الأفلام الرقمية مثل “نتفليكس”، “آبل تي في”، “أمازون برايم”، و”ديزني بلس”، وهذه المنصات أضحت جزءاً من مشهد الإنتاج السينمائي العالمي. ويرى بوشارب أن هذه المنصات تمثل فرصة واعدة للجيل الجديد من المخرجين للحصول على تمويل، وعرض أفلامهم على نطاق أوسع، مشيرًا إلى أن السينما التقليدية في تحول مستمر بفعل هذه المنصات.
أما الناقد السينمائي أحمد بجاوي الذي أدار الحوار وساهم في تعميق النقاش، فينتبه في التغيرات التي طرأت على صناعة السينما إلى ظاهرة جديدة تؤثر في تمويل الأفلام، وهي دخول المؤثرين في مواقع التواصل الاجتماعي عالم السينما. ويرى بجاوي أن بعض المستثمرين يفضلون وجود هؤلاء المؤثرين في الأفلام لجذب جمهور أوسع، خاصة من فئة الشباب، وهو ما يطرح تساؤلات حول مستقبل السينما التقليدية في ظل هذا التغيير.
الجمهور الذي حضر الماستر كلاس شارك بطرح العديد من الأسئلة التي تناولت مواضيع متنوعة، من بينها التحديات التي يواجهها المخرجون في العالم العربي، وكيف يمكن لصناعة السينما في المنطقة أن تستفيد من التجارب العالمية في مجال التمويل. وقد أجاب بوشارب بكل صراحة وشفافية، مستعرضًا خبرته في هذا المجال، مقدمًا نصائح قيّمة للمخرجين الشباب الذين يسعون إلى شق طريقهم في هذا العالم الصعب.
واختتم بوشارب الجلسة بالتأكيد أن الإبداع الفني يجب ألا يتأثر بالصعوبات المالية، مشددًا على أن المثابرة والتخطيط الجيد هما المفتاح لتحقيق النجاح في صناعة السينما، خاصة في ظل التغيرات المتسارعة التي يشهدها هذا القطاع.
إرسال التعليق