جاري التحميل الآن

الجزائر في مواجهة افتراءات الطغمة المالية…  الرد السيادي و الاتزان الدبلوماسي ..

الجزائر في مواجهة افتراءات الطغمة المالية…  الرد السيادي و الاتزان الدبلوماسي ..

في العاصمة الإندونيسية جاكرتا، و خلال فعاليات الدورة التاسعة عشرة لمؤتمر اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، برز حدث سياسي أثار الكثير من الجدل، تمثل في تصريحات غير مسؤولة صدرت عن ممثل الطغمة الانقلابية الحاكمة في مالي، استهدفت الجزائر باتهامات باطلة لا تستند إلى أي معطى واقعي، هذه التصريحات، التي اتسمت بالعدائية و التجني، قوبلت برد جزائري رسمي جاء متزنا في أسلوبه، قويا في مضمونه، و عقلانيا في منطقه….
الجزائر المعروفة بمواقفها الثابتة و سياساتها الخارجية المبنية على احترام سيادة الدول و مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية، لم تلتزم الصمت أمام هذه التصريحات المسيئة، و من على منبر المؤتمر، جاء الرد باسم الجزائر على لسان ممثلها البرلماني، الذي شدد على أن الجزائر لا يمكن أن تقبل الافتراء أو تسمح بتشويه صورتها، خاصة من طرف أنظمة تفتقر للشرعية و تخدم أجندات خارجية….

الكلمة الجزائرية ذكرت بالدور المحوري الذي لعبته الجزائر في مسار السلم و المصالحة بمالي، و خاصة في رعاية اتفاق الجزائر عام 2015، الذي اعتبر حينها خطوة استراتيجية نحو إعادة الاستقرار إلى هذا البلد الجار، و مع ذلك، فإن الطغمة الانقلابية التي أطاحت بالنظام الدستوري في باماكو تنكرت لهذا الاتفاق، و أظهرت سلوكا عدائيا تجاه كل المبادرات النبيلة، بما في ذلك تلك التي قادتها الجزائر بحسن نية، وبدون حسابات ضيقة…

الرد الجزائري لم يقتصر على تفنيد المزاعم، بل طرح تساؤلات جوهرية… فكيف يمكن لبلد مثل الجزائر، الذي عانى ويلات الإرهاب لعشر سنوات، و فقد آلاف الأرواح في سبيل دحره، أن يتهم زورا بدعمه؟ و من يوجه هذا الاتهام؟ طرف انقلابي لا يمثل إرادة الشعب المالي، و لا يحظى باعتراف مؤسساتي دولي مستقر…

المداخلة الجزائرية اعتبرت أن ما جاء على لسان ممثل النظام المالي لا يمكن وصفه إلا بـ”الهذيان”، و هي كلمة تختزل التوصيف السياسي لحالة الارتباك التي تعيشها القيادة المالية الحالية، و التي اختارت، بدل الانخراط في حل أزماتها الداخلية، التهجم على دولة لم تمد يدها يوما إلا من أجل السلام و التضامن…

و قد أعادت الجزائر، من خلال هذا الرد، تأكيد تمسكها بقيم الأخوة الإسلامية، و موقفها الثابت في نصرة القضايا العادلة، و سعيها المستمر لضمان استقرار و أمن شعوب المنطقة، كما وجهت رسالة واضحة مفادها أن صوتها لن يسكت أمام حملات التشويه، و أنها ستبقى، كما كانت، طرفا وازنا في المعادلة الإقليمية، قادرا على الجمع بين الصرامة في حماية سيادته و الرصانة في إدارة الخلافات.

إن هذه الواقعة تؤكد أن الخطاب الجزائري في المحافل الدولية لا يبنى على الانفعال أو الردود الشعبوية، بل على أساس من المبادئ الراسخة و المكانة الدبلوماسية التي راكمتها الجزائر على مدى عقود، و هي أيضا تبرز التحديات الجديدة التي تواجهها الدبلوماسية الجزائرية في محيط مضطرب، تتكاثر فيه الجهات التي تحاول الاستثمار في الفوضى، أو صناعة عدو خارجي لتبرير الانسداد الداخلي.
        غانس أمحمد

إرسال التعليق