الشباب ومخاطر الانحراف: إدمان المهلوسات.. هُروب نحو الهاوية
في زمنٍ تتدفق فيه المغريات من كل حدبٍ وصوب، وتتنوع فيه أشكال الهروب من واقع مرير أو فراغ قاتل، يجد بعض الشباب أنفسهم أمام منحدر خطير اسمه “إدمان المهلوسات”. تلك الحبوب والأقراص التي تُباع بأسماء براقة وتُقدم وعوداً زائفة بالسعادة، سرعان ما تتحول إلى قيودٍ تكبل العقل والجسد وتجرّ صاحبها إلى هاوية لا قاع لها.
تأتي خطورة هذه المواد من قدرتها على تشويه الإدراك وخلق أوهام بصرية وسمعية، تجعل المتعاطي يعيش في عالمٍ غير واقعي، قد يدفعه إلى ارتكاب أفعالٍ متهورة أو عنيفة دون وعي. والأخطر من ذلك أن بعضها قد يترك آثاراً نفسية دائمة، تصل إلى حد الإصابة بأمراض عقلية ناهيك عن المخاطر الجسدية كتلف الكبد أو الوفاة المفاجئة بسبب الجرعات الزائدة.
وراء كل حالة إدمان قصة مؤلمة، بعضها يبدأ بمجرد فضول أو رغبة في التجربة، وبعضها الآخر ناتج عن ضغوط نفسية أو اجتماعية. ضعف الرقابة الأسرية، وغياب القدوة، وانتشار ثقافة الاستمتاع بالحظة عبر وسائل التواصل، كلها عوامل تساهم في دفع بعض الشباب نحو هذا الطريق المسدود. كما أن سهولة الحصول على هذه المواد في بعض الأحيان، وتهاون البعض في التعامل معها على أنها مجرد لعب عابر، يجعل الفخّ أكثر إغراءً.
لكن المواجهة تبدأ بالوعي، فالشاب الذي يدرك أن هذه المواد ليست سوى سراب، لن يخسر عقله وجسده في سبيلها. كما أن للأسرة دوراً محورياً في المراقبة والحوار، فالكلمة الطيبة والأذن المصغية قد تنقذ حياة. ولا ننسى دور المجتمع ككل في التصدي لهذه الآفة، بدءاً من التوعية في المدارس والجامعات، ومروراً بملاحقة المروجين، ووصولاً إلى تقديم الدعم النفسي والمادي للمتعافين.
في النهاية، فإن الوقاية خيرٌ من قنطار علاج، والنجاة من الإدمان ممكنة لمن يملك الإرادة ويبحث عن الدعم. فالحياة تستحق أن تُعاش بوعي كامل، لا في غيبوبة مؤقتة تنتهي بكارثة دائمة.
إرسال التعليق