تيارت : جمعية كافل اليتيم تصنع البهجة: “6000 يتيم يستفيدون من موائد الإفطار وكسوة العيد “
في بادرة إنسانية متميزة خلال الشهر الفضيل، شهدت الإقامة الجامعية المركزية بخليفة الجيلالي بحي كارمان بتيارت حدثاً خيرياً بارزاً، حيث تشارك السيد خليل سعيد والي الولاية مع الأيتام مائدة الإفطار التي نظمتها جمعية كافل اليتيم. وقد حضر هذه المبادرة النبيلة إلى جانب الوالي كل من رئيس المجلس الشعبي الولائي، وأعضاء البرلمان، فضلاً عن مختلف السلطات المدنية والعسكرية، في لفتة تضامنية عكست التلاحم المجتمعي وروح التكافل الاجتماعي.
وكانت هذه المبادرة قد شملت ألف يتيم من مدينة تيارت، في حين استفاد ما يقارب ستة آلاف يتيم من هذه الفعالية على مستوى الولاية بمختلف بلدياتها. ولم تقتصر المبادرة على توفير وجبة الإفطار فحسب، بل تعدت ذلك إلى تقديم بدلات العيد للأيتام، سعياً من الجمعية لإدخال الفرحة والبهجة إلى قلوب هؤلاء الأطفال خلال شهر رمضان المبارك والاستعداد لعيد الفطر.
وفي هذا السياق، أوضح السيد جلاب العربي، رئيس جمعية كافل اليتيم الولائية في تصريح خاص قائلاً: “بالنسبة لفكرة الإفطار الجماعي، كانت الجمعية قد طرحتها في العام الماضي، وارتأينا هذا العام تجسيدها مرة أخرى من خلال استضافة عدد كبير من الأيتام في أجواء رمضانية مميزة. لقد قمنا بتقسيم ولاية تيارت إلى 11 مقاطعة، بحيث تضم كل مقاطعة عدداً معيناً من البلديات”.
وأضاف جلاب موضحاً آلية تنظيم هذه المبادرة: “على سبيل المثال، ضمت بلدية مدريسة كلًا من الرصفاء وسيدي عبد الرحمن، عين كرمس، شحيمة، وعين الذهب، حيث اجتمع الأيتام من هذه المناطق في بلدية مدريسة. كما تم تنظيم لقاءات مماثلة في مشرع الصفا، مهدية، تخمرت، قصر الشلالة، وغيرها من المناطق”.
ومن الجدير بالذكر أن جمعية كافل اليتيم تمتلك تجربة واسعة في تنظيم مثل هذه الفعاليات، إذ تعد هذه السنة الطبعة الرابعة للإفطار الجماعي. وفي هذا الصدد، أكد رئيس الجمعية أن “البداية كانت في السنة الأولى باستضافة 1000 يتيم، ثم ارتفع العدد إلى 2000 في السنة الثانية، 6000 في السنة الثالثة. وحرصاً على التنظيم المحكم، تم توزيع الوجبات في مختلف البلديات، لضمان استفادة أكبر عدد ممكن من الأطفال الأيتام في كافة أنحاء الولاية”.
من جانبه، أشاد والي ولاية تيارت، السيد سعيد خليل، بالجهود المبذولة من قبل القائمين على جمعية كافل اليتيم، حيث صرح قائلاً: “المكتب التنفيذي الولائي لجمعية كافل اليتيم يكفيهم فخراً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ‘أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة’، وهذا شرف عظيم لهم. نسأل الله أن يجعل ذلك في ميزان حسناتهم”.
وأضاف الوالي في تصريحه: “اليوم، الوصول إلى كفالة سبعة آلاف إلى ثمانية آلاف يتيم ليس بالأمر السهل، ونتمنى أن يمنحهم الله القوة والثبات على هذا العمل النبيل. كما نشكر، من خلالهم، كل المحسنين الذين جادوا مما رزقهم الله، ونسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتهم، إن شاء الله”.
وفي سياق متصل، عبر السيد جلوط زكرياء، المرشد الأسري، عن إعجابه بالعمل الذي تقوم به الجمعية، حيث قال: “والله، إنه لأمر يدعو للفخر صراحة. هنا في ولاية تيارت، كما هو الحال في كل أنحاء الجزائر، كنا نتحدث خلال الإفطار عن مبادرات الخير التي تعم أرجاء الوطن”.
وأضاف جلوط: “الحمد لله، على غرار مبادرة إفطار عابر السبيل التي تنتشر في مختلف مناطق البلاد، حيث إنه قبل 15 دقيقة أو حتى نصف ساعة من أذان المغرب، لا يمكنك أن تمرّ دون أن يدعوك أحد للإفطار”.
كما أشار المرشد الأسري إلى جوانب أخرى من عمل الجمعية قائلاً: “أما جمعية كافل اليتيم، فإن ما أدهشني اليوم هو العمل الجبار الذي يقومون به على مدار السنة، وليس فقط تنظيم الإفطار. فإفطار اليوم كان جزءاً من هذا الجهد الكبير”.
وتابع: “على سبيل المثال، كان بالإمكان تنظيم إفطار لـ 6000 يتيم، لكنه تم تقسيمه على عدة دوائر، بينما هنا في تيارت، استُضيف 1000 يتيم. أن تفطر مع 1000 يتيم، وأن تراهم سعداء، هو شعور لا يوصف”.
وكشف جلوط عن نشاطات أخرى للجمعية قائلاً: “كما لاحظت أنهم لم يكتفوا بالإفطار، بل تكفلوا أيضاً بتوزيع كسوة العيد. وأثناء حديثي مع الأخ شيخاوي عبد الباسط، الذي يعمل أيضاً مع جمعية كافل اليتيم، أخبرني أن الجمعية توزع حوالي 450 قفة غذائية أسبوعياً على العائلات المسجلة لديها. هذه القفة تحتوي على كل ما تحتاجه الأسرة، وهو عمل خيري عظيم”.
واختتم المرشد الأسري تصريحه بدعوة للمحسنين قائلاً: “لذلك، ومن هذا المنبر، أدعو جميع الإخوة والأخوات إلى عدم التردد في فعل الخير، ولو بالقليل، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ‘أنا وكافل اليتيم كهاتين’، وأشار إلى السبابة والوسطى، أي أنه سيكون في الجنة بالقرب من النبي. فما أعظم هذه الدرجة! لذلك، لا تحتقر أي مساهمة، مهما كانت صغيرة، فقد تكون سبباً في حصولك على أجر عظيم بإذن الله تعالى”.
وتجدر الإشارة إلى أن مثل هذه المبادرات التضامنية تعكس روح التكافل الاجتماعي التي تتجلى بشكل خاص خلال شهر رمضان المبارك، وتبرز الدور الفعال الذي تلعبه الجمعيات الخيرية في مساعدة الفئات الهشة في المجتمع. كما أنها تعزز قيم التضامن والتآزر بين مختلف شرائح المجتمع، وتؤكد على أهمية العمل الجماعي في تحقيق الرفاه الاجتماعي.
وبالنظر إلى النجاح الذي حققته هذه المبادرة في السنوات الماضية، والإقبال المتزايد عليها من سنة إلى أخرى، فإنها تعد نموذجاً يحتذى به في مجال العمل الخيري والتطوعي، وتشجع على استمرارية مثل هذه الأعمال التي تسهم في تخفيف معاناة الأيتام وإدخال البهجة والسرور إلى قلوبهم، خاصة في المناسبات الدينية والاجتماعية.
وهيب قورصو
إرسال التعليق