تيارت : يوم دراسي حول اضطرابات طيف التوحد.
احتضنت بلدية فرندة بولاية تيارت يومًا دراسيًا بعنوان “اضطرابات طيف التوحد بين التمثلات الاجتماعية وواقع التكفل الجمعوي – جمعية البشائر نموذجًا”، نُظّم بالتنسيق بين جمعية البشائر لأطفال التوحد والتريزوميا وصعوبات التعلم والمعهد الوطني المتخصص في التكوين المهني بفرندة. جمع هذا الحدث العديد من الأكاديميين والمختصين في مجال التوحد، بهدف تسليط الضوء على السبل المثلى للتعامل مع هذه الفئة وتحسين إدماجها في المجتمع.
خلال اليوم الدراسي، قُدمت مداخلات علمية لعدد من الخبراء في مجالات مختلفة، حيث أكد د. تاج محمد، عميد كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية بجامعة تيارت، على أهمية رفع مستوى الوعي المجتمعي بمسألة طيف التوحد. وأشار إلى أن “إحداث التغيير في نظرة المجتمع للتوحد يبدأ من تعزيز البحث العلمي وربط نتائجه بالممارسات العملية”.
من جهة أخرى، أوضح د. قاضي مراد، أستاذ متخصص، أن التمثلات الاجتماعية للتوحد غالبًا ما تُبنى على سوء الفهم، مما يؤدي إلى التهميش الاجتماعي لهذه الفئة. وأضاف أن تحسين الخطاب الجمعوي ليكون أكثر شمولية وفاعلية يشكل خطوة ضرورية لتحقيق الإدماج.
إلى جانب ذلك، ركزت الأخصائية الأرطوفونية بشرى مادين في مداخلتها على أهمية التشخيص الفارقي في معالجة اضطرابات طيف التوحد. وقالت: “نواجه تحديًا كبيرًا يتمثل في الأخطاء التشخيصية التي تؤثر على مسارات العلاج. هناك أطفال يعانون من تأخر لغوي أو اضطرابات سلوكية يُشخصون خطأً كتوحديين. هذه الأخطاء تؤثر على نوعية التكفل المقدّم لهم”.
في السياق نفسه، تطرقت الأخصائية سيكوك حليمة إلى تقنيات التكفل الأرطوفوني، مشددة على ضرورة تكامل الجهود بين الأسر والأخصائيين للوصول إلى نتائج مرجوة.
من جانب آخر، تناول الأخصائي النفساني دحمان محمد الجانب النفسي للتكفل بالأطفال المصابين بالتوحد، موضحًا أن النجاح في إدماج هذه الفئة في المجتمع يتطلب نهجًا شموليًا يراعي الأبعاد النفسية، الاجتماعية، والأكاديمية. وأكد أن “التكفل المتكامل يمثل الركيزة الأساسية لضمان استقرار هؤلاء الأطفال وتحقيق طموحاتهم”.
أما رئيس جمعية البشائر، بن عسلة مصطفى، فقد استعرض الإنجازات التي حققتها الجمعية رغم حداثة تأسيسها، مشيدًا بجهود الأعضاء والمتطوعين الذين يعملون بإمكاناتهم الخاصة. ومع ذلك، دعا السلطات المحلية والولائية إلى تقديم الدعم المادي والمعنوي اللازم لضمان استمرارية نشاطات الجمعية وتوسيع خدماتها، قائلاً: “نحن بحاجة ماسة إلى مقر دائم ودعم مالي يمكننا من تنفيذ برامجنا بشكل أفضل”.
في ختام اليوم الدراسي، اتفق المشاركون على ضرورة تعزيز التعاون بين الجمعيات والأكاديميين والسلطات المحلية لتحقيق تكفل أفضل بالأطفال المصابين بالتوحد. وقد أكد الجميع أن مثل هذه المبادرات تمثل خطوة هامة نحو تحسين الواقع، مع أهمية تكثيف الجهود لضمان إدماج حقيقي لهذه الفئة في المجتمع.
وهيب قورصو
إرسال التعليق