جاري التحميل الآن

حين ُسئلت : ماذا يحدث في العالم؟

حين ُسئلت : ماذا يحدث في العالم؟

بقلم: أمينة شارف
:سألني أحدهم ذات مساء، بنبرة فيها الكثير من الحيرة وربما الخوف

ا… كل شيء مضطرب، متداخل، والحق ضائع”

“!ماذا يحدث في هذا العالم؟ لم أعد أفهم شي ًئ

مشروعة
ا، ودهشًة
توقفت لحظة قبل أن أجيبه. ألن السؤال بسيط في ظاهره، لكنه يحمل في عمقه وجًعا إنسانًيا عميًق
.أمام عالم لم يعد كما كان
فقلت له: نعم… نحن نعيش في مرحلة فاصلة من تاريخ البشرية، وكأن العالم يعيد ترتيب موازينه، ويبدل أقنعته. لم
.تعد هناك قيم جامعة تحكم السياسة الدولية، بل مصالح عارية تسير دون خجل، دون حرج
أمريكا تترنح لكنها ال تزال تمسك بخيوط كثيرة. الصين تصعد، وروسيا تتحدى، وأوروبا تمشي ببطء في حقل ألغام.
أما منطقتنا العربية، فهي بين المطرقة والسندان، بين من يساومها على حريتها، ومن يطمع في خيراتها، ومن ينزف
.على أرضها
انظر إلى غزة مثاًل، إلى مشهد الدم والركام والخذالن. ال أحد يوقف الجريمة. انظر إلى أوكرانيا، حرب بالوكالة بين
.الكبار، يدفع ثمنها الصغار
.انظر إلى إفريقيا، من الذي يهتم بجوع أهلها أو عطشهم؟ الكل يلهث وراء الذهب والنفط واليورانيوم
ولألسف، اإلعالم العالمي في غالبه أصبح جزًءا من اللعبة. ال ينقل الحقيقة، بل يختار منها ما يخدم أجندات معينة.
.لذلك من الطبيعي أن تشعر بالحيرة، ألن ما تراه ليس الواقع كاماًل، بل “نسخة منتقاة منه”، ُتصاغ بعناية
واألصعب من كل هذا؟ هو غياب الموقف العربي الموحد. رغم كل ما نملكه من إمكانيات، ال صوت لنا مسموع، وال
.قرار لنا مستقل
.لكن رغم كل هذا، ال أقولها من باب التشاؤم. بل من باب الوعي
.يجب أن نعي ما يجري، ألن الفهم هو الخطوة األولى نحو الفعل
ربما ال نملك تغيير العالم، لكننا نستطيع أن نكون شهوًدا واعين، ال مغيبين، وأن نحمل القيم وسط الفوضى، وننصر

من موقعه
ٌّل
.الحقيقة، ك
فما يحدث في العالم اليوم ليس إال بداية “تشكل جديد”… فإما أن نغيب عنه، أو ُندركه ونشارك في صياغته، ولو
.بالكلمة
.ويبقى العالم مسرًحا كبيًرا، تتقاطع فيه الخيوط، وتتصادم فيه األدوار
.قد نبدو كأننا على الهامش، لكن الهامش أحياًنا هو من يرى الصورة كاملة… من ال يشارك في الجنون، بل يشهد عليه
.في زمن تاهت فيه البوصلة، وصار الحق ُيقاس بالقوة، ال بد لنا أن نتمسك بالوضوح كتمسك الغريق بخشبة نجاة
…لسنا مطالبين أن نفهم كل أالعيب السياسة، لكننا مدعوون أن نحافظ على إنسانيتنا وسط طوفان المصالح
.أن نصدق ما نراه بعيون القلوب، ال بما ُيعرض علينا من صور مشوهة
ربما ال نغّير مجرى األحداث، لكننا نستطيع أن ُنبقي على شعلة الوعي مضاءة، على أمل أن يأتي زمن تعود فيه
.السياسة وجًها للعدل، ال قناًعا للخداع

إرسال التعليق