رمضان في العالم الإسلامي : نفحات روحانية وعادات متوارثة
بقلم: أمينة شارف
يُعد شهر رمضان أحد أهم الشهور في العالم الإسلامي، حيث تتوحد الشعائر الدينية من صيام وقيام
وتلاوة القرآن، لكنه أيضًا يتميز بتنوع العادات والتقاليد التي تعكس ثقافة وهوية كل بلد. ففي السعودية،
تتزين الشوارع بالفوانيس ويجتمع الناس حول موائد الإفطار الكبيرة في الحرم المكي، بينما في مصر
يصدح صوت المدفع إعلانًا لموعد الإفطار، ويملأ الأطفال الشوارع بالفوانيس التقليدية. أما في الجزائر،
فيُعرف رمضان بمائدة “الحريرة” ومراسم “النفار” التي تعلن وقت السحور.
في دول شرق آسيا، مثل إندونيسيا وماليزيا، يشتهر رمضان بالأسواق الليلية الرمضانية التي تعرض
أشهى المأكولات التقليدية، بينما في تركيا، يحظى “المسحراتي” بشعبية كبيرة حيث يجوب الأحياء بطبله
ليوقظ الناس للسحور. رغم هذا التنوع، يظل الجوهر واحدًا تعزيز الروحانيات، تقوية الروابط
الاجتماعية، والإكثار من أعمال الخير.
و في الجزائر، تبدأ الاستعدادات لشهر رمضان قبل حلوله بأسابيع، حيث تنشغل العائلات بتنظيف
المنازل وشراء المواد الغذائية الأساسية، مع تركيز خاص على التوابل، والتمور، واللحوم، والفواكه
الجافة التي تدخل في تحضير العديد من الأطباق الرمضانية. كما تُزين الأسواق بمختلف السلع، وتزداد
الحركة التجارية بشكل ملحوظ.
تُعتبر مائدة الإفطار في الجزائر مميزة بتنوع أطباقها، حيث تحرص العائلات على تقديم أكلات تقليدية
أصيلة، ومن أبرزها الشوربة فريك تُعد الطبق الأساسي في معظم البيوت الجزائرية، وهي حساء غني
بالقمح والطماطم والتوابل, البوراك نوع من الفطائر المحشوة باللحم أو الجبن، ويُقدم كمقبل رئيسي مع
الشوربة, طاجين اللحم بالبرقوق طبق جزائري فاخر يجمع بين اللحم والفاكهة الجافة لإضفاء نكهة حلوة
مالحة مميزة والكسرة أنواع من الخبز التقليدي تُقدَّم مع الشاي أو اللبن.
أما الحلويات، فتحتل مكانة خاصة في السهرات الرمضانية، ومن أشهرها قلب اللوز حلوى رمضانية
تُحضَّر من السميد واللوز وتُسقى بالعسل و الزلابية من الحلويات الرمضانية الشعبية، خاصة في المدن
الشرقية مثل قسنطينة بل وبكل التراب الوطني.
بعد الإفطار، تتوجه العائلات إلى المساجد لأداء صلاة التراويح، حيث تمتلئ المساجد بالمصلين الذين
يتنافسون في ختم القرآن. كما تُقام دروس دينية ومجالس ذكر تُعزز الأجواء الروحانية لهذا الشهر
المبارك.
بعد التراويح، تبدأ السهرات الرمضانية التي تجمع العائلات والجيران، حيث يتم تبادل الأحاديث وشرب
الشاي بالنعناع، إلى جانب الاستمتاع بالموسيقى الأندلسية أو الحفلات العائلية البسيطة. في بعض
المناطق، تستمر الألعاب التقليدية مثل “المداح” الذي ينشد الأناشيد الدينية، أو جلسات الحكواتي التي
تروي القصص التراثية.
إرسال التعليق