“16 نادياً في مواجهة حماسية: دورة رمضان لكرة القدم تضيء ليالي تيارت.
تحتضن ولاية تيارت خلال شهر رمضان المبارك منافسات دورة كروية شبابية مميزة تجمع بين الرياضة والقيم، حيث تنطلق فعاليات “دورة رمضان فووت – تيارت 2025” في طبعتها الثانية يومي 19 و20 مارس المقبل، تحت شعار “الرياضة والأخلاق: متانة السلوك والجسد”.
وتشهد الدورة، التي أضحت موعداً سنوياً ينتظره الشباب، مشاركة 16 نادياً ومدرسة من بلدية تيارت وعدة بلديات مجاورة، ضمن فئتين عمريتين هما أقل من 11 سنة وأقل من 13 سنة، في منافسة تهدف إلى صقل المواهب الكروية الناشئة وتعزيز القيم الرياضية بين الأجيال الصاعدة.
وتتولى الجمعية الرياضية للنادي الهاوي “راسنـيغ الزمالة” مهمة تنظيم الدورة، بالتعاون والتنسيق مع مديرية الشباب والرياضة ودار الشباب بن فرحات أحمد – الفيدا وقصر الرياضة بلعربي عبدالله، في إطار جهود متكاملة تسعى لإنجاح هذا الحدث الرياضي الشبابي.
وبحسب اللجنة المنظمة، فإن مباريات فئة الأقل من 13 سنة ستقام تحت الأضواء الكاشفة في الملحق التابع لدار الشباب، بينما ستجري منافسات فئة الأقل من 11 سنة خلال فترة النهار في الملحق التابع لقصر الرياضة بلعربي عبدالله. كما أُقِرَّت مجموعة من القواعد التنظيمية التي تضمن سير المنافسة بسلاسة، حيث يتعين على كل فريق أن يضم 15 لاعباً إضافة إلى الطاقم الفني، مع وضع شروط صارمة تقضي باحتساب الهزيمة على أي فريق يتأخر عن موعد المباراة بأكثر من 15 دقيقة.
وتعتبر هذه المبادرة جزءاً من سلسلة نشاطات تسعى إلى تجذير ثقافة الرياضة في المجتمع، وخصوصاً بين الفئات العمرية الصغيرة، إذ تشير الدراسات الاجتماعية والرياضية إلى أن مثل هذه الدورات لا تقتصر فوائدها على الجانب البدني فحسب، بل تمتد لتشمل بناء شخصية متوازنة وتعزيز روح الانتماء الوطني والقيم الأخلاقية خصوصاً تزامن تنظيمها مع عيد النصر الموافق لـ19 مارس من كل سنة والذي يعد محطة هامة من تاريخ الجزائر.
وعلى صعيد اكتشاف المواهب، تمثل هذه البطولة فرصة ذهبية للكشف عن المهارات الكروية الواعدة في سن مبكرة، الأمر الذي يسمح للمدربين والفنيين بتوجيه هذه المواهب نحو مسار احترافي منظم قد يضمن لهم مستقبلاً رياضياً متميزاً. وفي هذا السياق، حيث إن الممارسة المنتظمة للرياضة في الصغر تسهم في تشكيل قاعدة قوية من اللاعبين تمثل رصيداً حقيقياً للرياضة الوطنية على المدى البعيد.
كما أن التفاعل بين اللاعبين الصغار خلال المباريات يعلمهم قيم التسامح واحترام الخصم وتقبل النتائج مهما كانت، وهي مبادئ أساسية لا يقتصر تأثيرها على الملعب فقط، وإنما تنعكس على سلوكياتهم في الحياة اليومية وتعاملاتهم المستقبلية، مما يسهم في بناء جيل متزن نفسياً واجتماعياً.
أما على مستوى تقوية النسيج الاجتماعي، فإن اجتماع فرق من مختلف المناطق والأحياء يساعد على خلق روابط صداقة متينة بين اللاعبين، وكذلك بين الجماهير والعائلات المرافقة، الأمر الذي يعزز من تلاحم المجتمع ويقوي شعور الانتماء المشترك. ولعل أهمية هذا الجانب تبرز بشكل خاص في فترة رمضان، التي تمثل مناسبة روحية واجتماعية تجمع أفراد المجتمع على قيم التآزر والتعاون.
وفي سياق متصل، تعد هذه الدورة نموذجاً للشراكة الفعالة بين مؤسسات المجتمع المدني والهيئات الحكومية، حيث يجتمع الجميع لتحقيق هدف مشترك يتمثل في خدمة الشباب وتنمية مهاراتهم، وهو ما يؤكد أهمية التكامل بين مختلف الفاعلين في المجتمع لتحقيق التنمية الشاملة.
ويتطلع المنظمون إلى أن تكون هذه الدورة محطة مهمة في مسار تطوير الرياضة المحلية، وخطوة نحو بناء منظومة رياضية متكاملة تبدأ من القاعدة وصولاً إلى المستويات العليا، في إطار استراتيجية شاملة تهدف إلى النهوض بالرياضة الوطنية وتعزيز حضورها على الساحة الدولية.
ولعل أبرز ما يميز هذه الدورة هو اختيار توقيتها خلال شهر رمضان المبارك، الذي يمثل فرصة لتعزيز القيم الروحية والأخلاقية إلى جانب تنمية المهارات الرياضية، في تناغم يعكس الفهم العميق لدور الرياضة كوسيلة لبناء الإنسان المتكامل روحياً وجسدياً وأخلاقياً.
وتبقى “دورة رمضان فووت – تيارت 2025” أكثر من مجرد منافسة رياضية عابرة، إنها استثمار حقيقي في مستقبل الشباب والرياضة معاً، ورسالة واضحة مفادها أن الرياضة ليست غاية في حد ذاتها، بل وسيلة لبناء جيل واعٍ بقيمه وهويته وقادر على مواجهة تحديات المستقبل بروح رياضية عالية. ومع تزايد الاهتمام بمثل هذه المبادرات، يمكن القول إن مستقبل الرياضة في تيارت والجزائر عموماً يبشر بالخير، شريطة استمرار الدعم والرعاية لهذه البراعم الصغيرة التي ستشكل نجوم المستقبل.
وهيب قورصو
إرسال التعليق