جاري التحميل الآن

19 ماي 1956،  حين انتصر القلم على البندقية

19 ماي 1956،  حين انتصر القلم على البندقية

في كل عام، يأتي التاسع عشر من مايو ليحمل بين طياته ذكرى ليست ككل الذكريات. إنه يوم الطالب في الجزائر، لكنه ليس يومًا للاحتفال الروتيني ولا مناسبة مدرسية عابرة؛ بل هو لحظة تأمل في تاريخ صنعه شباب آمنوا أن القلم يمكن أن يكون سلاحًا، وأن مقاعد الدراسة قد تكون أحيانًا جبهات نضال.

في مثل هذا اليوم من عام 1956، اتخذ طلاب الجزائر قرارًا مصيريًا، فتركوا الجامعات والمعاهد وتوجهوا نحو الجبال، يلتحقون بصفوف جيش التحرير الوطني، غير مبالين بمستقبلهم الدراسي، مقتنعين أن تحرير الوطن هو أولوية كل العقول الحرة. كان قرارهم صادمًا آنذاك، لكنه حمل دلالة رمزية هائلة الطالب ليس مجرد متلقي للمعرفة، بل هو فاعل في مسيرة الأمة.

لقد صنع هؤلاء الطلاب صفحة ناصعة في سجل المقاومة الجزائرية، وأثبتوا أن الوعي هو أول أسلحة التحرر. وما أحوجنا اليوم إلى استحضار روح 19 مايو، لا لنجعل من التاريخ ملاذًا نواري فيه تقصير الحاضر، بل لنستلهم منه معنى الالتزام، والربط بين العلم والواجب الوطني.

فاليوم، لم تعد الجبال ميادين حرب، لكن التحديات لا تقل جسامة. من الأمية الرقمية إلى هجرة الأدمغة، من ضعف البحث العلمي إلى أزمة الهوية الثقافية، كلها معارك تحتاج من الطالب الجزائري أن يستعيد دوره الطليعي، لا كضحية للظروف، بل كمبادر في صناعتها. فكما اختار طلاب الأمس ترك القاعات من أجل الكفاح، على طلاب اليوم أن يختاروا البقاء في القاعات، ولكن بروح من يحمل مسؤولية أمة.

يوم الطالب ليس مجرد تذكار، بل هو وصية
وصية أن يكون العلم مقاومة، والجامعة قلعة وعي، والطالب ضمير وطن.

بقلم: أمينة شارف

إرسال التعليق