جاري التحميل الآن

​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​”قلوب تنبض بالعطاء : كيف حوّل سكان تيارت الطرقات إلى موائد رمضانية للعابرين”

​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​”قلوب تنبض بالعطاء : كيف حوّل سكان تيارت الطرقات إلى موائد رمضانية للعابرين”

تشهد ولاية تيارت هذا العام حركة تضامنية متميزة مع حلول شهر رمضان الكريم، حيث تتسابق الجمعيات الخيرية والكشافة الإسلامية ولجان المساجد لتنظيم مبادرات إفطار عابر السبيل في مختلف البلديات. وقد تحولت هذه المبادرات إلى تقليد سنوي راسخ يعكس روح التكافل الاجتماعي التي يتميز بها المجتمع الجزائري.

فمنذ إعلان أول أيام الشهر الفضيل، انتشرت موائد الإفطار على امتداد الطرق الرئيسية في الولاية، مستهدفة المسافرين ومستعملي الطرقات الذين تدركهم ساعة الإفطار بعيداً عن منازلهم. وتتنوع أشكال هذا الدعم بين إقامة مخيمات ومطاعم مؤقتة أو توزيع وجبات محمولة للعائلات المعوزة والأشخاص غير القادرين على الحضور إلى مواقع الإفطار.

في مدينة تخمارت، كشف أحد المشرفين على مطعم الرحمة لإفطار عابر السبيل عن حجم الإقبال الذي شهده المطعم في يومه الأول، قائلاً: “المشروع لم يكن ليتحقق لولا دعم أهل الخير وتكاتف الجهود من أجل إسعاد الصائمين”. وأضاف المتحدث أن المطعم قدم 148 وجبة إفطار للمسافرين، بالإضافة إلى توزيع 35 وجبة محمولة للعائلات المحتاجة.

ويعكس هذا الرقم المرتفع مدى الحاجة الماسة لمثل هذه المبادرات التضامنية، خاصة في ظل ازدياد حركة التنقل خلال الشهر الكريم. كما يبرز الدور الفعال الذي تلعبه هذه المبادرات في تخفيف معاناة المسافرين وتوفير الراحة النفسية لهم في أوقات الإفطار.

وفي بلدية مهدية، تجاوز عدد المستفيدين من مطعم عابر السبيل 150 شخصاً في اليوم الأول، فضلاً عن توزيع 90 وجبة محمولة للعائلات المعوزة. وعن هذا النجاح، صرح أحد المتطوعين قائلاً: “كل وجبة يتم تقديمها هي ثمرة مساهمات سخية من أهل الخير الذين يسعون لنيل الأجر في هذا الشهر الفضيل”.

وتتجلى روح العطاء التي تميز المجتمع الجزائري خلال شهر رمضان كل سنة ، حيث يتسابق المحسنون للمساهمة في أعمال الخير والإحسان، سعياً للأجر والثواب. ولم تقتصر المبادرات على المدن الكبرى فحسب، بل امتدت لتشمل البلديات الصغيرة أيضاً.

في سياق متصل، نجح متطوعو بلدية سيدي عبد الرحمان في تجهيز مائدة إفطار متكاملة استقطبت عدداً معتبراً من المسافرين الذين كانوا شاكرين لهذه المبادرة الطيبة . ولم تتخلف بلدية قرطونة عن ركب الاحسان ، فقد عبر القائمون على مبادرة إفطار عابر السبيل عن امتنانهم للمساهمين، مؤكدين أن “روح التعاون والتكافل تجعل هذا العمل الخيري مستمراً رغم التحديات”.

مما يؤكد الإرادة القوية لدى المتطوعين لاستمرار هذه المبادرات رغم الصعوبات المادية واللوجستية التي قد تواجههم . كما تبرز أهمية التضامن المجتمعي في تذليل هذه الصعوبات وضمان استدامة العمل الخيري.

ولم تكن مدينة السوقر بمنأى عن هذه الحركية التضامنية، حيث تواصل كشافة المدينة عبر فوج الشهيد بلفضل بوزيان استعداداتها لإنجاح المخيم الكشفي السابع لإفطار عابري السبيل. وفي هذا السياق، أكد أحد المشرفين على المخيم أن “هذا المخيم ليس مجرد مبادرة خيرية، بل هو رسالة تضامن تعكس القيم النبيلة لمجتمعنا”، داعياً المواطنين إلى المساهمة في إنجاح العملية سواء بالتبرعات أو التطوع، وأضاف: “الخير الذي تقدمه اليوم قد يكون سبباً في إدخال الفرحة على قلب صائم لم يجد ما يفطر به”.

وتتميز تجربة المخيم الكشفي بتنظيمها المحكم، حيث يتم تجهيز الموقع وتأمين المستلزمات وتنظيم فرق العمل وتوزيع المهام لضمان سير العملية بانضباط، فضلاً عن استقبال مساهمات المحسنين وتحضير وجبات متكاملة وفق معايير النظافة والجودة، والتنسيق مع المتطوعين لتغطية كافة النقاط المستهدفة.

ومع تزايد أعداد المستفيدين يوماً بعد يوم، يوجه القائمون على هذه المبادرات نداءً للمحسنين لدعم استمرارها طوال شهر رمضان، مستشهدين بقول الله تعالى: “وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين”. وقد أكدت شهادات المستفيدين أن هذه المبادرات تخفف عنهم مشقة السفر وتجسد المعاني الحقيقية لشهر رمضان.

تظل مبادرات إفطار عابر السبيل في تيارت نموذجاً حياً للتضامن المجتمعي الذي يزداد رسوخاً عاماً بعد عام، ليعكس الوجه المشرق للمجتمع الجزائري وقيمه الأصيلة المتجذرة في التراحم والتآزر، خاصة خلال الشهر الفضيل الذي تتضاعف فيه أعمال الخير والإحسان.

وهيب قورصو 

إرسال التعليق