أضحية العيد..حينما هزم “عمي تبون” السوق السوداء…بالكباش المستوردة
في بلد يُعَد فيه عيد الأضحى مناسبة دينية واجتماعية كبرى، لم تعد الأضحية مجرد شعيرة، بل تحوّلت في السنوات الأخيرة إلى أزمة موسمية تُثقل كاهل المواطن وتُشعل نقاشات السوق والسياسة والدعم. ولكن هذا العام، أطلّ علينا مشهد غير مألوف: كباش مستوردة من إسبانيا ورومانيا بأسعار مدعّمة، والفضل كما يقول الجزائريون بطريقتهم الشعبية يعود إلى “عمي تبون”.
ذات مساء، كنت في طريقي من الجامعة نحو مقر عملي، حين استوقفت سيارة أجرة. لم أكن أعلم أنني على موعد مع واحدة من أكثر القصص طرافةً وإنسانية في موسم العيد. السائق، بلكنة وهرانية ممزوجة بفرح نادر، كان يتحدث عبر الهاتف عن مغامرته في اقتناء أضحية “مستوردة” وقال بصوت عالٍ يكاد يُسمع في كل الأحياء:
“باركة من عمي تبون، جابلنا الكباش من إسبانيا ورومانيا بـ 4 ملايين برك!”
حماس الرجل لم يكن مجرد فخر بالمبادرة الرئاسية، بل احتفاء بنصر شخصي في “معركة العيد”. فبعدما عرف مكان البيع، شدّ الرحال إليه منتصف الليل، ليقف في طابور طويل حتى التاسعة صباحًا. وعندما اختار كبشه أخيرًا، قيل له إن وقت الدفع قد انتهى. عاد إلى البيت، ليعيد الكرة في اليوم التالي.
وفي الجولة الثانية من “الماراطون”، وبعد اختيار الأضحية والدفع، عاد ليستلمها… فلم يجدها. وهنا تبدأ الحلقة الأكثر إثارة الكبش اختفى! وبعد جولة من التفتيش، وجده عند شخص آخر يدّعي أنه وجده دون صاحب. غير أن السائق كان يحتفظ بورقته الرابحة وصل الدفع، برقم مطابق لرقم “إذن الأضحية”، فاعتذر الرجل وأعادها إليه.
عاد السائق إلى منزله كبطل. عند الباب، وجد أبناءه في استقباله. ابتسامات، ضحك، صور، وحتى ابنتُه الصغرى بدأت تُحادث الكبش ببضع كلمات إسبانية:
“Hola!”
ربما اعتقدت أن الكبش لا يفهم “الدارجة”!
في خضم هذه التفاصيل الصغيرة، ظهر جوهر القصة ليس فقط انتصار مواطن على طوابير الزمن، بل فرحة أسرة كاملة، تُعيد التوازن لما أفسدته أسعار السوق الموازية.
قد تكون أضحية العيد مجرد “كبش” في ظاهرها، لكن في هذه الحكاية، كانت رمزًا للكرامة، للفرح البسيط، ولحالة نادرة من الانتصار على تعقيدات الحياة اليومية.
ولأن القصة لا تكتمل إلا بجملتها الختامية، فقد ختم سائق الطاكسي حديثه بكلمة مختصرة وعميقة:
“شكرا لعمي تبون… وتحيا الجزائر!”
بقلم : أمينة شارف
إرسال التعليق