جاري التحميل الآن

الجيش الوطني الشعبي الجزائري..عيون لا تنام 

الجيش الوطني الشعبي الجزائري..عيون لا تنام 

في ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة التي يعرفها العالم اليوم، يبرز الجيش الوطني الشعبي الجزائري كأحد أبرز دعائم الاستقرار الوطني و أهم أدوات الدفاع عن السيادة. تتعاظم مسؤولياته في ظل محيط إقليمي و دولي متقلب، تتداخل فيه التهديدات الأمنية من إرهاب عابر للحدود، إلى شبكات الجريمة المنظمة، إلى اضطرابات سياسية مزمنة على أطراف الحدود.

اليقظة الأمنية
ما يميز الجيش الوطني الشعبي هو عقيدته الأمنية المبنية على “التحفز الدائم”، ما يترجمه الحضور المستمر في الميدان، عبر مناورات عسكرية، و تأمين الحدود الطويلة و المعقدة، خاصة في الجنوب مع دول الساحل التي تعاني من هشاشة أمنية ، هذا الحذر ليس فقط مبررا، بل هو ضرورة، في ظل تصاعد التدخلات الأجنبية في الفضاء الإقليمي، و التنافس الدولي على الموارد والنفوذ.

محيط إقليمي متوتر
الجزائر تجد نفسها في قلب منطقة مضطربة، من ليبيا غير المستقرة، إلى مالي و النيجر، حيث تترنح السلطات أمام الانقلابات و التمردات، وصولا إلى الجهة الغربية التي لا تزال فيها الحدود مغلقة مع المغرب منذ عام 1994 ، و أمام هذا الواقع، يعتمد الجيش الوطني استراتيجية “الحياد الحذر” لا يتدخل في شؤون الآخرين ، لكنه لا يتغافل عن التهديدات التي قد تطال العمق الجزائري.

تفاعل مع الشرق الأوسط المتأزم
التحولات في المشرق العربي، من الحرب في غزة، إلى التصعيد الإيراني الإسرائيلي، و من توتر مضيق هرمز إلى التنافس التركي-العربي، تُلقي بظلالها على الأمن الإقليمي برمته ، الجزائر من موقعها كقوة عسكرية إقليمية، تتابع هذه التطورات بكثير من الحذر، خاصة أن أي تصعيد قد يؤثر على أسواق الطاقة ، الاستقرار الإقليمي، و التحالفات المستقبلية ، لذلك تتكامل مقاربة الجيش الوطني مع السياسة الخارجية القائمة على عدم الانحياز و رفض التدخلات، مع تعزيز قدراته الردعية لمواجهة أي ارتدادات محتملة.

إفريقيا و الشرق الأوسط: جبهتان متداخلتان

لم تعد التهديدات تقاس جغرافيا فقط، فامتداد التنظيمات المسلحة، وحروب الوكالة، و التدخلات الكبرى جعلت من الساحل الإفريقي و الشرق الأوسط جبهتين مترابطتين ، الجزائر عبر جيشها الوطني، تتحرك بفهم استراتيجي لهذا التشابك، عبر تعزيز التعاون الاستخباراتي مع دول الجوار، و الانفتاح الحذر على المبادرات الأمنية العربية و الإفريقية، دون المساس بمبدأ السيادة.

دبلوماسية أمنية بنفس استراتيجي

الحضور الجزائري المتزايد في إفريقيا، و اهتمامها بتحولات الشرق الأوسط، يعكس تحولا في العقيدة العسكرية و السياسية. لا يتعلق الأمر فقط بالدفاع عن الحدود، بل بتكريس “دبلوماسية أمنية” تسهم في إعادة تشكيل التوازنات، و ترسّخ الجزائر كفاعل موثوق في عالم لا يعترف إلا بالقوة، و الموقع، و القرار السيادي المستقل.
ليبقى الجيش الوطني الشعبي، بعيونه التي لا تنام، يُعيد رسم خريطة الأمن الجزائري انطلاقا من قراءة عميقة لعالم متحول، متعدد التهديدات، و متسارع الإيقاع.

غانس أمحمد

إرسال التعليق