جامعة ابن خلدون تحتضن ملتقى دوليًا حول المؤسسات الناشئة والتنمية الاقتصادية
في إطار الجهود المستمرة لتعزيز الاقتصاد الوطني، نظمت جامعة ابن خلدون بتيارت ملتقى دوليًا حول “المؤسسات الناشئة ودورها في التنمية الاقتصادية”، وذلك تحت إشراف مدير الجامعة أ. د. بلقومان برزوق. حضر الافتتاح عدد كبير من الأساتذة والباحثين من داخل الجزائر وخارجها، حيث تمثل هذا الحدث منصة هامة لتبادل الآراء والخبرات حول أهمية المؤسسات الناشئة في تحقيق التنمية المستدامة.
تعتبر المؤسسات الناشئة اليوم من الركائز الأساسية التي تعتمد عليها الدولة لتحقيق أهدافها الاقتصادية. وبناءً على ذلك، حرص منظمو الملتقى على اختيار موضوع المؤسسات الناشئة ليكون في مقدمة الأولويات، لما لهذه المؤسسات من دور فعال في توفير فرص العمل وتشجيع الابتكار. وقد أكد رئيس اللجنة العلمية للملتقى أن “المؤسسات الناشئة تمثل ركيزة أساسية في الاستراتيجية التنموية الوطنية، لذا فإن توفير بيئة مناسبة لنموها أمر ضروري”.
نجح الحدث في استقطاب أكثر من 100 مشارك من داخل الوطن، بالإضافة إلى حوالي 12 خبيرًا من دول مختلفة مثل تونس، ليبيا، الأردن، بلجيكا، مصر، الولايات المتحدة الأمريكية، رومانيا وفرنسا، مما أضفى بعدًا دوليًا على النقاشات. كما استمرت أشغال الملتقى لتشمل مجموعة من الورشات العملية والجلسات العلمية، مما يعكس الطموح الكبير لدى جامعة ابن خلدون لتحقيق تقدم ملحوظ في هذا المجال.
ناقش المشاركون تجاربهم وآرائهم حول المؤسسات الناشئة، مع التركيز على كيفية تفاعل هذه المؤسسات مع المحيط الخارجي. وقد عبر العديد من المتحدثين عن ضرورة تعزيز العلاقة بين الجامعات وسوق العمل، مشيرين إلى أن هذه التظاهرة العلمية تعتبر خطوة هامة نحو دمج التعليم الأكاديمي مع احتياجات السوق. من جهة أخرى، اكتسب العديد من الشباب الجامعيين الحاضرين رؤى جديدة حول كيفية تحويل أفكارهم إلى مشاريع حقيقية، ما يبرز التأثير الإيجابي لهذه اللقاءات في تشجيع ريادة الأعمال.
وفي سياق دعم التعاون الدولي، تم توقيع اتفاقيات شراكة بين جامعة ابن خلدون وجامعتين من خارج الجزائر: جامعة الطفيلة التقنية بالأردن وجامعة صفاقس التونسية. تهدف هذه الاتفاقيات إلى فتح آفاق جديدة في مجالات البحث العلمي وتبادل الخبرات بين الأساتذة والطلاب، بالإضافة إلى تنظيم برامج تدريبية مشتركة. وأوضح أحد الأساتذة المشاركين أن هذه الشراكات ستعزز التكامل الأكاديمي بين الجزائر وتونس، مما يساهم في رفع جودة التعليم العالي في المنطقة.
تنوعت محاور النقاش في الملتقى، حيث تم تناول الأطر النظرية والتطبيقية لإنشاء وإدارة المؤسسات الناشئة. كما تم مناقشة التحديات التي تواجه رواد الأعمال في الجزائر، وسُبل التغلب عليها من خلال تعزيز التشريعات وتوفير بيئة ملائمة لنمو هذه المؤسسات. ومن بين المحاور المهمة التي تمت الإشارة إليها، تم التركيز على القرار الوزاري 1275 الذي يسعى إلى تشجيع الطالب المقاول، مما يعكس التوجه الرسمي نحو دعم المشاريع الطلابية وتحفيز الشباب على دخول عالم ريادة الأعمال.
على صعيد آخر، قدمت بعض الدول المشاركة تجاربها الناجحة في هذا المجال. فقد سلط خبير تونسي الضوء على تجربة بلاده في دعم الشركات الناشئة منذ أواخر التسعينيات، معبراً عن أمله في أن تفتح الاتفاقية الموقعة مع جامعة ابن خلدون آفاقاً جديدة للتعاون في مجال البحث العلمي وتبادل الخبرات.
كما تم تناول دور التمويل الجماعي كأداة مبتكرة لدعم المشاريع الريادية. حيث أوضح المحاضرون التحديات التي تواجه هذه الآلية، مشيرين إلى أهمية التوعية المجتمعية بدورها في تعزيز المشاريع الصغيرة، خاصةً في ظل محدودية التمويل التقليدي.
في ختام الملتقى، توصل المشاركون إلى مجموعة من التوصيات، تضمنت ضرورة تقديم مزيد من الدعم للشباب الراغبين في إطلاق مشاريعهم الخاصة، وتبسيط الإجراءات الإدارية المتعلقة بتأسيس المؤسسات، وتعزيز التعاون بين الجامعات والقطاع الاقتصادي لتسهيل الانتقال من الفكرة إلى التطبيق. وقد عبر المشاركون عن أملهم في أن تلقى هذه التوصيات آذاناً صاغية لدى صناع القرار، لما لها من أهمية في دفع عجلة التنمية الاقتصادية وتطوير بيئة ريادة الأعمال في الجزائر.
إن هذا الملتقى يمثل خطوة هامة نحو تعزيز ثقافة الابتكار والمقاولاتية في الأوساط الجامعية، مما يعكس التزام جامعة ابن خلدون بتعزيز الشراكات مع الفاعلين الاقتصاديين وفتح أبوابها أمام المحيط الخارجي. وبفضل هذه الجهود، تؤكد الجامعة دورها المحوري في دعم التنمية المستدامة من خلال تشجيع البحث العلمي وريادة الأعمال، وتكوين جيل يمتلك المهارات والمعارف اللازمة لمواجهة تحديات الاقتصاد الحديث.
وهيب قورصو
إرسال التعليق