غزة تموت جوًعا وقهًرا…رصاصة في رغيف
بقلم: أمينة شارف
.حين يتحّول الخبز إلى فّخ موت، وُيقتل الطفل وهو يركض نحو الحياة… ُتصبح غزة مرآة لضمير العالم المكسور
من يقتل األطفال في طوابير الخبز؟
لعل أصعب سؤال يمكن أن ُيطرح علينا اليوم هو هذا: ما الذي يحدث فعاًل في غزة؟
ولعل األصعب من الجواب، هو وجع الضمير حين ُنجبر على الحديث عن أطفال ُيقتلون ال ألنهم يقاتلون، بل ألنهم
.فقط… يبحثون عن الخبز
ا للموت
.نعم، في غزة اليوم، صار الخبز طريًق
لقى المساعدات من السماء، فتندفع الجماهير المنهكة، الهاربة من القصف، نحو األمل المعّلق في
صرنا نرى كيف ُت
.مظالت صغيرة
.لكن رصاص االحتالل ال يتركهم
يصطادهم كفرائس في أرض محاصرة، وكأن اإلنسان الفلسطيني مجرد هدف متحرك، ال قيمة له، ال حماية، ال
.صوت، وال حياة
ٍم هذا؟
أي عال
أُّي قرٍن نعيش فيه حين تتحول لقمة العيش إلى مشهد للذبح الجماعي؟
أُّي قانون في األرض يبرر أن ُيقتل طفل ألّنه جرى خلف كيس دقيق؟
أُّي عدالة تسكت عن شعب ُيدفن حًّيا تحت الركام، وُيقتل مرتين: مرة بالصواريخ، ومرة بصمت العالم؟
.أنا ال أكتب اآلن بصفتي صحفية وال محللة سياسية
.أنا أكتب ألنني فقدت القدرة على الصمت
.ألن قلبي وهو في أقصى شمال الخريطة بات يسمع أنين غزة كل فجر
نقل على الهواء مباشرة، وال يتحرك
.أكتب ألنني ال أصدق أن القرن الواحد والعشرين يشهد على إبادة حّية ُت
غزة اليوم ليست قضية فلسطينية فقط، بل جرح في الضمير اإلنساني، وصمة عار في جبين كل من يملك سلطة وال
ا ويسكته، وكل من يملك قلًبا ولم يرتجف
.يستخدمها، وكل من يملك صوًت
…أيها القارئ
.لو كنت تتابع فقط األخبار، فاعلم أن األرقام ال تقول الحقيقة
تل وهو يركض وراء كيس خبز، وأن “سارة” ماتت عطشى تحت األنقاض
الرقم ال يخبرك أن “آدم” الطفل الصغير، ُق
.وهي تنادي أمها
الرقم ال يخبرك أن غزة ليست فقط تحت الحصار، بل تحت اإلبادة، تحت الحقد، تحت صمت مريب من عالم يمأل
.شوارعه بالشعارات الفارغة
أين اإلنسانية؟
أين العدالة الدولية؟
أين أولئك الذين مألوا الدنيا ضجيًجا عن حقوق الحيوان، واليوم ال يحركهم مشهد طفل مبتور األطراف، يبكي وحده
بين الجثث؟
.غزة اليوم تحاصر ليس فقط بالقنابل، بل بخذالن العالم
العدو واضح، لكن الطعنة األعمق تأتي من الصمت، من ازدواجية المعايير، من الذين نسوا أن لإلنسان حق الحياة،
إرسال التعليق