تيارت..يوم دراسي ببرز فرص وتحديات دمج تربية المائيات مع الفلاحة

شهدت ولاية تيارت مؤخرًا تنظيم يوم دراسي هام حول تربية المائيات المدمجة مع الفلاحة، استهدف المستثمرين والفلاحين المهتمين بهذا المجال الواعد. جاء هذا الحدث في إطار الجهود المبذولة لتعزيز التنمية المستدامة في الجزائر من خلال الدمج بين قطاعي الصيد البحري وتربية المائيات وقطاع الفلاحة، وذلك بالتنسيق مع مسؤولي القطاع بولاية غليزان.

جمع هذا اليوم الدراسي مجموعة من المهنيين والخبراء من مختلف التخصصات، حيث شهد حضور مدير الغرفة المشتركة بين الولايات للصيد البحري وتربية المائيات، إلى جانب ممثلين عن مؤسسات مالية بارزة مثل بنك الفلاحة والتنمية الريفية (BADR)، والبنك الوطني الجزائري (BNA)، وصندوق التعاون الفلاحي (CRMA). هذا التجمع أبرز أهمية التعاون بين الفاعلين الاقتصاديين والمهنيين في قطاعي الفلاحة وتربية المائيات، في ظل التحديات البيئية والاقتصادية التي تواجهها الجزائر.

خلال مداخلاتهم، تناول الخبراء الفوائد المتعددة لتربية المائيات المدمجة مع الفلاحة، والتي تتضمن زيادة الإنتاجية الفلاحية وتنويع مصادر الدخل للفلاحين، فضلًا عن الاستدامة الزراعية. كما أوضحوا كيف يمكن لهذا النموذج أن يكون حلاً فعالًا لمواجهة التحديات البيئية والاقتصادية. بدمج تربية الأسماك مع الزراعة، يتم تحسين كفاءة استخدام المياه، حيث تُستخدم مخلفات الأسماك كسماد طبيعي للتربة الزراعية، مما يعزز جودة المحاصيل ويقلل تكاليف الإنتاج. بالإضافة إلى ذلك، يسهم هذا التكامل في الحفاظ على الموارد الطبيعية من خلال إعادة تدويرها وتحقيق الاستفادة القصوى منها.

من جهة أخرى، تركزت النقاشات أيضًا حول سبل وأساليب التمويل المتاحة للمستثمرين والفلاحين، حيث استعرض ممثلو البنوك والمؤسسات المالية المختلفة البرامج التمويلية التي تهدف إلى دعم المشاريع المتعلقة بتربية المائيات. تم تسليط الضوء على آليات التمويل الفلاحي، بالإضافة إلى الحلول التأمينية المصممة خصيصًا لتغطية المخاطر المتعلقة بهذا القطاع، وهو ما يعزز فرص الاستثمار ويشجع المزيد من الفاعلين على دخول هذا المجال.

ورغم هذه الفرص، إلا أن التحديات ما تزال قائمة. أشار المشاركون إلى أن العديد من الفلاحين يفتقرون إلى الوعي الكافي بالفوائد الاقتصادية والبيئية لتربية المائيات المدمجة، إلى جانب وجود نقص في البنية التحتية اللازمة في بعض المناطق، وهو ما قد يعوق انتشار هذه الشعبة. مع ذلك، تم التأكيد على أن التنسيق بين الفاعلين المحليين، بما في ذلك الفلاحين والمستثمرين والمؤسسات الحكومية، سيظل عاملًا حاسمًا في ضمان نجاح هذه المشاريع.

بالإضافة إلى ذلك، لفت المتدخلون الانتباه إلى دور التعاونيات الفلاحية في دعم هذه المشاريع. فقد تم تأسيس أول تعاونية لتربية المائيات المدمجة من قبل سبعة فلاحين وفقًا للمرسوم التنفيذي رقم 22/405 الصادر في 24 نوفمبر 2022، ما يشير إلى اهتمام السلطات بتشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة ذات الطابع الجماعي لتعزيز الأمن الغذائي وتنويع الاقتصاد.

في نهاية اليوم الدراسي، خلص المشاركون إلى أن تربية المائيات المدمجة مع الفلاحة تحمل آفاقًا واعدة في الجزائر. إذ لا يقتصر هذا التخصص على تقديم حلول مبتكرة لمشاكل الأمن الغذائي، بل يساهم أيضًا في تعزيز التنمية المستدامة وتقليل الأضرار البيئية. وقد عززت ردود الفعل الإيجابية الآمال في أن يتوسع هذا القطاع ليشكل رافعة اقتصادية جديدة قادرة على خلق فرص عمل وتعزيز الإنتاج الوطني بشكل مستدام. ومع استمرار دعم الحكومة والمبادرات الخاصة، قد يصبح التكامل بين تربية المائيات والفلاحة جزءًا أساسيًا من المشهد الاقتصادي الجزائري.

وهيب قورصو

Share this content:

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *